كان للحقبة الأخيرة من العهد العثماني أهمية خاصة لتشكّل الهويات في الفترة التي تلتها، أي فترة الاستعمار ثم الاستقلال. فلقد دفع رفض سوء الإدارة العثماني والظلم الذي انتشر في عهد الاتحاديين الأتراك بعد ترهّل الامبرطورية إلى ظهور فكرة الرابطة العربية. وتَشكّل فهم العروبة على نحوين: فهمٌ لرابطة عروبية مجاورة للرابطة الإسلامية، وفهمٌ عربي قومي رافضٌ للرابطة الإسلامية ومستبدلها برابطةٍ قومية ضمن مفهومها الأروبي شعب-دولة. وكما سنرى، اتفق هذان الاتجاهان في العنوان الكبير في مرحلة تشكيل الهوية الوطنية غير العثمانية، ألا وهو وحدة العرب، واختلفا فيما عدا ذلك. ولقد ظهر هذان التوجهان تقريباً بالتسلسل التاريخي الذي سنعرضه.
أولاً: التوجه العروبي الإسلامي
ويمثل هذا التيار ثلاثة من أصحاب الفكر والأدب. عبد الرحمن الكواكبي و شكيب أرسلان و محمد عزة دروزة. وتحكي السيرة الحياتية لهؤلاء الأعلام طبيعة هذا التوجه.
فعبد الرحمن الكواكبي (1849-1902) الذي نشأ في حلب هو شيخ معمّم تلقّى تدريسه في مدرسة شرعية، وقرأ واتسعت معارفه وسافر واغترب، وربما يمكن أن نعتبره صنو رفاعة الطهطاوي. وقارع الكواكبي في مواقفه تسلّط الحكام التابعين للأستانة، وكتابه “طبائع الاستبداد” مشهورٌ في هذا الموضوع، وكان يدعو إلى خلافةٍ عربيةٍ ترث الخلافة التركية وتعيد العزّ للمسلمين.
ويظهر منهج الكواكبي في إصلاح الأمة في قولته التالية أنّ المستبد “لا يخاف من العلوم الدينية المتعلّقة بالمعاد والمختصّة بين الإنسان وربه، لاعتقاده أنها لا ترفع غباوةً ولا تزيل غشاوةً، وإنما يتلهّى بها المتهوّسون للعلم حتى إذا ضاع فيها عمرهم، وامتلأت بها أدمغتهم، وأخذ منهم الغرور كل مأخذ، فصاروا لا يرون علماً غير علمهم، فحينئذ يأمن المستبدّ منهم كما يؤمن شرّ السكران إذا خمر”. ويشبه طرح الكواكبي هنا طرح محمد رشيد رضا في محاولته تجديد طريقة التفكير عند المسلمين وطريقة التعامل مع التراث.
أما محمد عزة دروزة (1887 – 1948) الذي ترعرع في نابلس ومات في دمشق، فكان همّه مواجهة التتريك والتنظير للوحدة العربية، كما قاد الجهود التي كانت تقاوم الانتداب البريطاني في فلسطين وسياسة تقسيم الأراضي العربية، وساهم في محاولة حماية الأوقاف الفلسطينية. ويمكن تقسيم إنتاجه الفكري إلى ثلاثة أقسام: قسمٌ اهتمّ بقضية فلسطين والاستعمار الإنكليزي، وقسمٌ اهتمّ بالوحدة العربية، وكان قد توقّع وحدة مصر وسورية، وقسمٌ اهتمّ بالفهم الإسلامي. فبالإضافة إلى إنتاجه الأدبي وكتابته في مواضيع التاريخ، واجه دعاوى الاستشراق وكتب في تفسير القرآن والسيرة والحديث كتابةً مبدعةً راسخة المرجعية؛ ولعل أشهر كتبه هو “الدستور القرآني والسنة النبوية في شؤون الحياة”. ويعتبر دروزة مفكراً إسلامياً متميزاً. وكمثالٍ على طرحه السياسي، يؤكد دروزة في كتابه تفسير القرآن على أن “روح الآية [آية وشاورهم في الأمر] ومضمونها يوجبان على الرئيس والزعيم والحاكم الاستشارة في كل أمرٍ وعزيمة”.
وأما شكيب أرسلان (1869 – 1946) فهو من لبنان من عائلةٍ درزية، وكان كاتباً وأديباً ومفكراً، ومن كتبه “لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم”، و”الارتسامات اللطاف”، و”الحلل السندسيَّة” و”تاريخ غزوات العرب”، و”عروة الاتحاد”، و”حاضر العالم الإسلامي” وغيرها. ويعتبر واحداً من كبار المفكرين المسلمين ودعاة الوحدة الإسلامية ووحدة الثقافة. ومن أقوال شكيب أرسلان حامل لقب (أمير البيان): “يستحيل أن يطمع المسلمون في النجاح والنهوض وهم مسلمون ومصرون على الإسلام ثم هم غير عاملين بأوامر كتاب الله تعالى ونواهيه.” وقوله “الإسلام شريعة معاشٍ ومعادٍ، وكل نقصٍ في أسباب واحدٍ منهما نقص من الإسلام”. ونرى هنا تأكيد أرسلان على تلازم البُعد الإيماني مع اتخاذ الأسباب. وعبارته التالية تظهر أصالة توجّهه: ” أثبتت التجارب من قديم الدهر أنّ التربية العلمية لا تنهض بالأمة نهوضاً حقيقياً إلا إذا حصلت ضمن دائرة لغتها وتاريخها وعقيدتها ومشربها.” أما عبارته التالية فتظهر وعيه المتقدّم في التعامل مع نتاج الحضارة الغربية: “إن نهض المسلمون -وهم ناهضون بمعونة الله تعالى- لم تنهض بهم روحٌ أوربية ولا روح شيءٍ خارجٍ عن الإسلام، وما ينهض بهم إلا روح القرآن الذي كان مبعث نهضتهم الأولى، والذي به حياتهم الأدبية، والذي فيه لهم النازع والوازع، والمحرك والمسكن، والذي بدونه ليس أمامهم إلا أحد أمرين: إما الفناء والاضمحلال، وإما التحول عن الإسلام”.
فهذا هو التوجه الأول الذي رفع راية العروبة والوحدة العربية، واستبطنت طروحاتهم الصبغة الحضارية الإسلامية للمنطقة على نحو كامل. والأفق الإسلامي لطروحاتهم مفترضٌ أحياناً يُفهم من فحوى النص وصريحٌ أحياناً أخرى.
ثانياً: التوجه القومي العربي
وفي قبالة التيار العروبي الإسلامي، هناك التوجه القومي العربي العَلْماني. ومصطلح العَلْماني بفتح العين وتسكين اللام ليس مشتقاً من لفظة العلم وإنما من لفظة العالَم، بمعنى أنّ حياة البشر يجب أن تُنظّم من خلال رؤية وضعية مادّية وقيم ليبرالية بحتة، ولا مكان للدين في الحياة إلا إذا أُقصي في زوايا التعبّد الضيقة. ولقد عاصر هذا التوجه القومي التوجهَ الأول، ثم تبنّت التوجهَ القومي تياراتٌ سياسيةٌ وصلتْ إلى الحكم ففرضته قسراً على الواقع في عدد من البلدان العربية. ومن الأعلام البارزين في التوجه العربي القومي ساطع الحصري (1879) و زكي الأرسوزي (1900) و قسطنطين زريق (1909) و ميشيل عفلق (1910). وتناقض الطروحات الفكرية لهؤلاء طروحات الجيل الأول –العروبي الإسلامي- ولا تشترك معها إلا في فكرة توحّد الشعوب العربية.
فساطع الحصري (1879-1965) ذو ذهنية قومية عصبية، ظهرت أولاً في تبنّيه لنـزعة طورانية تركية. ولم يقف الأمر عند حدّ التوجه الفكري بل عمل مع جمعية الإتحاد والترقي وساهم في مقالات تدعو إلى التتريك. ثم انقلب هذا التوجه العصباوي فجأة فصار الحُصري يكتب في القومية العربية، فتـوِّج رائداً لها بعد ذلك. ومثله مثل غيره من القوميين، يرى الحصريّ أنّ “الرابطة الوطنية والقومية يجب أن تتقدم على الرابطة الدينية”، لا أن تتأطّر ضمنها أو تتكامل معها. وكان رائداً في التيار القومي العربي الذي يعتبر فترة الإسلام فترة طارئة سيئة الحظ على تاريخ العرب. وتناغماً مع التوجه الاستشراقي، كان يحرص على الإشادة بأمجاد الأقوام الغابرة من الحثّيين والآشوريين والآراميين والبابليين والعبرانيين، لا كتاريخ للمنطقة، وإنما كمرساةٍ للهوية بديلةٍ عن المرساة العربية المسلمة.
أما زكي الأرسوزي (1900-1968) فهو من اللاذقية من أسرة علوية/نصيرية نزح من أنطاكية ودرس في السوربون ثم عاد وعمل في حقل التدريس. وكان يحارب التتريك، كما أسّس جريدة العروبة. وصبغت خلفيتُه خطابَه بالتركيز على المساواة ورفض التمييز. وفي فكر الأرسوزي أبعادٌ شاعرية فلسفية، فيصوّر كتابه الأول “عبقرية اللغة العربية والينابيع” اللسان العربي على أنه فطرة وصورة إلهية، وأنّ العرب حالةٌ رحمانية وليست وجوداً قومياً فحسب. ولا عجب إذاً أنه لما انخرط في حزب البعث واعتبر من المؤسسين لفكرة القومية العربية، سرعان ما ضاق به التنظيمُ ذرعاً لعدم انضباطه، ونظر إليه ميشيل عفلق على أنه طوباوي خيالي ولا يفهم بالعملياتية. ولذا شُـبّه بـ (تروتسكي) الماركسي الذي نبذته الحركة الواقعية للمسيرة الشيوعية. وطروحات زكي الأرسوزي تمزج المفاهيم الحداثية مع المفاهيم الإسلامية في صياغة فلسفية بالغة العمق.
ولقد تطوّرت الطروحات القومية العربية وانتقلت من صعيد الفكر النظري الفلسفي إلى التطبيقي العملي، ولعلنا نستطيع اعتبار مساهمات قسطنطين زريق (1909-2000) جسراً بين هذين المستويين. وقسطنطين من عائلةٍ أرثوذكسية، درس الابتدائية والثانوية في مدارس هذه الطائفة، ثم درس علم التاريخ في الجامعة الأمريكية في بيروت، ثم نال درجة الدكتوراه من جامعة برنستون في الولايات المتحدة الأمريكية؛ كما شغل مناصب دبلوماسية وأكاديمية مرموقة. ونشأ قسطنطين في حيٍّ دمشقيّ تقليدي أكثره من المسلمين وفي جو التعايش المعروف في هذا البلد، ويبدو أنّ هذا الجو قد ترك أثراً في فكره كما سنرى.
ومفهوم القومية العربية عند زريق مفهومٌ مركّب فيه العناصر القومية الضيّقة للفكر الأروبي وفيه انفتاحٌ حضاري أيضاً. فالعرب عنده هو من كانت لغتهم العربية، ولكنه يضع حدوداً جغرافية واضحة للمنطقة العربية. وإذا كان تحديد المساحات العربية مفهوماً في سياق التكوين الجديد إبان انفراط الرابطة العثمانية، فإن زريق يؤكد على إفراد العصبية العربية وحدها. وهذا المبدأ هو أهم ما يفرّق توجه القومية العربية ذات المضامين العَلْمانية عن التوجه العروبي الإسلامي، حيث أن المعنى العملي للطرح القومي العربي هو أن ينتظم الاجتماع العربي وفق رابطٍ واحدٍ فقط -الرابطة العربية- وأن يتخلّوا وينبذوا أي رابطٍ آخر.
وبرغم رفض زريق للدين كمنهج حياة، فقد أبقى له مساحة ولم يرفضه كمشاعر أو قيم. فيقول في دور الدين: “فلا يضير هذا الشعب في تكوّنه وتحضرّه وترقيته، بل يفيده ويغنيه، أن يتخلّص أفراده من رذائلهم ويَسْموا نفسياً وخلقياً بتعاليم دينهم، شرط أن تعرف السلطة الدينية حدودها، فلا تقيم نفسها سلطة سياسية بالإضافة إلى سلطتها الروحية الدينية، فتعيق نشر المساواة القانونية التامة بين المواطنين، وهي أساس العقيدة القومية والتنظيم القومي”. ونلاحظ هنا عند زريق ثنائية (المقدّس/المدنّس) الشائعة في الفكر الأروبي. ومفاد هذه الفكرة أنّ التعاليم الدينية والضوابط الأخلاقية للدّين تنتمي إلى عالم مقدّس غير معقولٍ، فيجب أن لا تتدخّل بالواقع. أما الحياة اليومية فهي عالم المدنّس الذي يجري وفق قوانين نفعية أنانية. وكما هو معلوم، لا تنسجم هذه الرؤية التفتيتية مع النسق التوحيدي الإسلامي الذي ينشئ جسوراً بين عالم الـمُثُل وعالم الواقع؛ وكذلك ترفض بعض الديانات الشرقية هذه النظرة الإنفصامية.
وفي عبارات زريق اختزال للدين أو محاصرة له، إذ يخصص له دوراً شبيهاً بدور الكنائس والدين في أُروبة. وتبدو رؤية زريق لدور الدين في المجتمع مستعارةً من رؤية العالم الفرنسي اليهودي دُركايم في آواخر القرن التاسع عشر. ذلك أنه اعترف دُركايم –الذي تُعدّ نظريته الاجتماعية نقيضة النظرية الماركسية- بدورٍ (وظيفي) للدين، بمعنى أنه يمكن استغلاله في بعض الأمور. فمنظور دُركايم منظور عَلْماني بحت، غير أنه اعتبر أنّ الدين ليس إلا خرافة، ولكنه يمكن الاستفادة منها. فبحسب دُركايم، تساهم الخرافات الدينية في تقوية الأواصر الاجتماعية وفي إبعاد القلق عن الأفراد. فهذا هو دور الدين والحيّز الذي ينبغي ألا يتجاوزه[1].
وتجدر الإشارة إلى أنه يستعمل زريق المصطلحات الإسلامية في كتاباته، وربما استشهد بآية قرآنية. ويصنّف بعض معاصريه من النقّاد هذا الأسلوب بأنه مكر وتحايل، بينما يفسره آخرون بأنه اختلاط فهمٍ يعجز عن إدراك أنّ للقرآن ومصطلحاته فلسفة متفرّدة.
والمشهور عن قسطنطين زريق أنه كان صاحب فكر نظري فحسب، وكان يصرّ دائما على القول: “أنا لست سياسيا”. غير أنّ مذكراته تُبيِّن مشاركته في توجيه عددٍ من الحركات القومية في عددٍ من البدان العربية، وقدّم لها المشورة والنصح.
أما فكر ميشيل عفلق فهو الذي أتمّ رحلة الفكر القومي العربي في سورية من النظري إلى التطبيقي، وأبدى أوضح درجات الاغتراب عن الثقافة المسلمة والخلفية الحضارية للمنطقة حيث اعتبارها الندّ الذي يجب التخلّص منه. ومقارنةً بالفكر القومي لسابقيه، ذاك الطرح الذي يحوي مضامين فكرية يمكن مناقشتها نظرياً، طرح عفلق طرحٌ إديولوجي متطرّف.
ولد ميشيل عفلق (1910-1989) في دمشق لعائلة أرثوذكسية في حي الميدان في دمشق، وتلقّى تعليمه في المدارس الفرنسية في سورية تحت الانتداب الفرنسي، ثم التحق بالسوربون حيث تبلورت هناك أفكاره الحزبية. وعفلق مقلّدٌ يستورد الأفكار وليس مبدعاً وموّلداً لها. فالفكر البعثي الذي دعا إليه يكاد يكون صنو فكر حركة الانبعاث الإيطالي بزعامة جوزيبي مازيني التي كانت أهدافها: (الوحدة – الحرية – الاستقلال). وحيث كتب عفلق عقب فترة الاستقلال فقد استبدل الهدف الأخير في فكر مازيني بالإشتراكية.
وكان عفلق حركياً وناشطاً سياسياً بامتياز، ونشر أفكاره بين الطلاب عبر التدريس في ثانويات دمشق. و شكّل في 1941 منظمة (الإحياء العربي) التي أسّست بدورها “حركة نصرة العراق” ضد الاستعمار البريطاني. وصار وزيراً للتعليم لفترة وجيزة. وكان مؤسس “حزب البعث العربي” في 1947 بمساعدة صلاح البيطار، ذاك الحزب الذي اندمج مع الحزب الاشتراكي لأكرم حوراني ليصبح اسمه في سنة 1952 “حزب البعث العربي الاشتراكي”، وشغل عفلق منصب أمينه العام. وتوفي عفلق في بغداد بعد فراره من سورية عقب انقلاب سنة 1966 وعاش في العراق برعاية الحكومة العراقية.
وفكر عفلق زاخرٌ بالمضامين الماركسية ويتناقض بالكلية مع الواقع العربي المسلم للمنطقة. فمن جهة ينعى فكره على النزعات القطرية ويؤكد على الوحدة العربية، غير أنّ الوحدة العربية لا يعقل أن تكون فارغة من مضامينها الحضارية المسلمة. ويرى عفلق أن هناك تلازماً بين الوحدة العربية والاشتراكية: “فلا السياسيون ولا المفكرون بقادرين على تحقيق ذلك المطلب”، ولذلك يضيف عفلق: “فكيف يمكن أن يتحرك الشعب لحمل هذا المطلب الثقيل [مطلب الوحدة العربية]، وهو رازحٌ تحت هذه الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية؟ فتوحيدنا إذاً بين الوحدة والاشتراكية هو مثل إعطاء جسم لفكرة الوحدة. الاشتراكية هي الجسم، والوحدة هي الروح، إذا صح التعبير والتشبيه”. وانسجاماً مع الفكر الماركسي، كان عفلق يتكلم بمبدأ (العربية الانقلابية)، إلى حدّ أصبح تفكيك أسس المجتمع القائم في سورية والبلدان العربية هدفاً مقصوداً لذاته. وسرعان ما رأى في الأقلّيات السورية –وعلى رأسها العلوية والدرزية- طبقة بروليتاريا جديرة بأن تتصرّف بانقلابية لا ترحم لتحقيق أهداف حزب البعث، ولو عن طريق العسف العسكري.
والخلاصة، ظهر غداة انفراط العقد العثماني توجهان يحتفلان بمسألة العروبة، تجمع بينهما فكرة ضرورة الوحدة العربية ومحاربة الاستعمار والاستعباد والفقر والجهل، ويفرّق بينهما تبنّي الإطار الحضاري الإسلامي للأول وتبني الإطار العَلْماني الأُروبي للآخر والذي وصل حدّ العداء لثقافة المجتمع. ولا يخفى على الناظر مدى التشابه مع الحالة الفكرية السياسية في هذه الأيام. ففي حين لا يوجد خلاف بين قوى المعارضة اليوم في رغبة التحرّر من النظام المجرم المستبد، ثمة خلاف كبير على طبيعة تشكيلة المجتمع المرجو بعد التحرّر (وليس على تشكيلة النظام السياسي المرجو). وهذا سبب آخر لعنونة هذه الدراسة بعنوان “ميلاد أمة”، لكي نفهم الحاضر في ضوء الماضي ولكي لا تتكرّر الأخطاء فـتُـغبن الأمة ثانية.
[1] لقراءة نقدية لفكر دركايم، أنظر محمد محمد أمزيان. منهج البحث الاجتماعي بين الوضعية والمعيارية. المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1991م.
ميلاد أمة في خضم التفاعلات الحضارية والجيوسياسية
ميلاد أمة-1: إشكالية الهويات منذ الأفول العثماني
ميلاد أمة-2: التوجهان العروبي الإسلامي والقومي العربي
ميلاد أمة-4: من مِلَل إلى أقليات: مقدمات
أ) حالة المسيحيين: العروبة والوطنية
ب) حالة الكرد: المخيال القومي وتأزمه
Tagged: الثورة السورية, الربيع العربي, السجال الإسلامي العلماني, خلفية الثورة السورية
الاخ مازن جزاك الله خيرا دراسه وافيه قيمه من باب تصحيح المفاهيم من واقع المعرفه من على ارض الواقع ومن واقع التجربه لا الاكاديميه التي تسردها اقول —- ان ميشيل عفلق واخوه وصفي عفلق سفير سوريا السابق في اسبانيا واخته ماري عفلق شله نصابيين مرتبطين بالبابوبه في ايطاليه —هذه العائله لا تمت للقوميه العربيه بشئ بل بالعماله لتقسيم البلاد وتفريق العباد على اساس طائفي بحت (نفس النغمه التي يسير عليها بشار من بعد ابيه – نفس المنطلقات علمانيه تخدم المصلحه الغربيه العليا لا سوريا ولا القوميه العربيه كما كان يدعي) هذه العائله كانت على علاقه مباشره بالبا ( لقد تعجبت عندما قرات بعض الرسائل ورايت بعض المظاريف المنثوره بام عيني كانت تحتفظ بها ماري عفلق في دولاب لها قبل ان يرمى في قارعه الطريق —- كان هذا قبل 36 عندما طردناهم من بيتنا الذي حولوه الى بيت دعاره لكبار قاده البعث والنصيريين) وما هو متداول بان ميشيل هرب الى العراق غير صحيح فقد كان على صله وثيقه بالاسد حتى بعد هروبه الى العراق (لقد عانينا منهم ومن صلاتهم بالطائفه النصيريه حتى اصبح من المستحيل اخراجهم من بيتنا لولا دعاء الوالده على القضاه — وعون الله قبل كل ذلك —- واحد العلويين الشرفاء والاموال التي صرفت الى ما يصل الى نصف ثمن المنزل في حي راق في دمشق — لما استرددنا حقنا ولما رايت ما رايت) لا اريد ان اذكر اسماء بعينها وعلاقتهم بهذه العائله وعلاقتهم بالدعاره من باب الستر على الناس هذه هي العلمانيه وهذا هو راسها ولبوسها
ايمن
[…] ناقشنا في موضوع سابق ضرورة التفريق بين العروبة والقومية العربية، فالأولى مسلمة واثقة بهويتها الثقافية بينما الثانية […]
[…] ميلاد أمة-2: التوجهان العروبي الإسلامي والقومي العربي […]
[…] ميلاد أمة-2: التوجهان العروبي الإسلامي والقومي العربي […]