Monthly Archives: مارس 2013
ميلاد أمة-1: إشكالية الهويات منذ الأفول العثماني
إنّ أعمق تجلّيات الثورة هو رفض الاغتراب الثقافي وتناقضاته لقرنٍ من الزمن. وينبغي أن لا تُفهم الانتفاضة الضميرية على أنها مجرد انتعاش هوييّ سرعان ما يتلاشى، بل هي عزمٌ أكيدٌ يعمل على مستوى الشعور واللاشعور بآن، أصدق ما يعكسه نداءان للثورة: النداء المبكّر في الفترة السلمية المحضة “إلى الجنة راحين شهداء بالملايين”… وكانت جموع المتظاهرين تسقط فعلاً برصاص النظام الوحشيّ؛ والنداء الثاني هو “ما لنا غيرك يا الله” بعد معاينة التخاذل العالمي عن الدعم والعجز العربي عن المساعدة. ولم تكن هذه مجرّد شعارات، فالشهادة هي شهادة آنيّة على الفعل غير مُرجأة، والاتكال على الله وحده ترجمه الفعل بالاستمرار الواثق رغم الظروف القاهرة. ولم تكن هذه النداءات وأمثالها تصنيعاً مؤدلجاً من قيادةٍ ثورية، وإنما زفرات إنسانية وفطرة ثقافية وحقيقة تعكس الحالة الوجودية للنفس والعقل الجمعي، وتصلح حقاً أن تكون أيقونة أنثروبولجية مفسِّرة للحال الثوري.
ميلاد أمة في خضم التفاعلات الحضارية والجيوسياسية
ميلاد أمة في خضم التفاعلات الحضارية
في الذكرى السنوية الثانية لثورة السوريين المباركة يليق بالتحليل أن يرتقي إلى الآفاق الرحيبة للانبعاث الحضاري الذي تمتلكه الثورة، تلك الآفاق التي تشير إلى وجهتها العامة وتدلّ على نسق خياراتها في التشكيل المجتمعي والثقافي والمؤسسي. كما أنه يليق بالتحليل أن يرصد البيئة الجيوسياسية المحيطة بالثورة، تلك البيئة التي بآن تشكل كمونه القابل للاســتثمار و ترسم له حدود الإمكان.
وتنتفض البلد اليوم ليس كسورية بحدودها السياسية المعروفة، وإنما شاماً بفضائه التاريخي. وما تخوّف العروش القُطْرية المحيطة بسورية قلب الشام إلا تعبير عن هذا، كما أنّ (فزعة) الدعم المدني من خارج الحدود الرسمية لسورية –بغض النظر عن طبيعتها وألوانها- هي أيضاً ليس إلا مظهر من مظاهر ارتباط الثورة بالتشكيل الجديد لشخصية الأمة. وكثير من التفسيرات السياسية لا تحيط بأعماق التغيير الحاصل، وإنما تفسّر سيرورته العملية، وما كانت هذه السيرورة لتتخلّق لولا وجود الانتماء الحضاري. غير أنّ الحضاريّ لا يفسِّر القرارَ والموقف السياسي، وإنما يفسّر أو يضيء خلفية ترجيح خيارٍ سياسي على آخر فحسب. ولكنّ القرار السياسي في النهاية مرهونٌ بكمون الحضاري وآفاقه، وإذا خالفه أو لم يرعه دخل نفق العجز والفصام النكد. والقرار السياسي مقيّد أيضاً بحدود ما يسمح به الجيوسياسي، وإذا عارضه أو تجاهله توقّف في ساحة المحال.
وسوف يتكئ التحليل على تطوراتٍ تاريخيةٍ مهمةٍ حلّت بمنطقة بلاد الشام وما حاذاها، إلى جانب تطورات سياسية معاصرة، مُذكّراً بها ومشيراً إلى مفاصلها من غير الخوض في تفاصيلها[1].
د. مازن هاشم
[1] كمرجع تاريخي عام انظر: ألبرت حوراني. تاريخ الشعوب العربية. ط 2، نوفل، 2002.
ميلاد أمة في خضم التفاعلات الحضارية والجيوسياسية
ميلاد أمة-1: إشكالية الهويات منذ الأفول العثماني
ميلاد أمة-2: التوجهان العروبي الإسلامي والقومي العربي
ميلاد أمة-4: من مِلَل إلى أقليات: مقدمات
أ) حالة المسيحيين: العروبة والوطنية
ب) حالة الكرد: المخيال القومي وتأزمه