احتمالات الانهيار المفاجئ

التطورات الميدانية في الأيام العشر الأولى من الشهر المحرّم تحمل أخبار فألٍ طال انتظارها، وتبث مشاعر أملٍ لأمة أثقلها الجراح والتشريد والتدمير، وتزيد في ثقة عموم الناس بجدوى ما تقوم به الثورة.  ومن الناحية الاستراتيجية، تواجه الثورة تحديات التعامل مع نظامٍ قائمٍ وإن كان متهلهلاً، فما زال يملك استناداتٍ ولو كانت مؤقتة وتتغير بسرعة.  وسأناقش اعتبارات استراتيجية ينبغي التفكير فيها من خلال مناقشة المسائل التالية: احتمال إمكانية الاستمرار لبضعة أشهر و احتمال الانهيار المفاجئ النظام.

احتمال الاستمرار لبعضة أشهر

الوضع الحالي لنظامٍ قمعي بامتياز، نظامٍ قائمٍ على سلطة الاستخبارات وتتبعهم أنفاس المواطنين، هو بمثابة زلزلة للنظام باعتبار ما وصل إليه الحال.  فصحيح أنّ طائرات النظام وقصف مدافعه ما زالت تقتطف عصافير الجنة وتدمّر السكن في البلدات والمدن، لكن ما هذا إلا تعبير عن فقدان السيطرة المتمكّنة.  وصحيح أنه في الأماكن التي يسيطر عليها النظام الحاكم ما زالت فرق عصاباته المجرمة تعتدي على الناس وممتلكاتهم وتتحرش بهم وتلاحق حركاتهم وسكناتهم، ما هذا إلّا انكفاء عن السيطرة الواثقة.  فأنظمة الحكم تستقرّ بإرهابٍ مهدّدٍ يخشاه الناس فيتجنّبونه، فينكفئ الحكم الظالم لشهواته يكدّس المال ويمعن في التحكّم.  أما حين يكون نظام الحكم مستنفَراً باستمرار، فهذا يعني أنه غير مستقر.

وإذا حسبنا المساحات وعدد السكان تحت قبضة النظام نجد أنّ وضع النظام الحاكم قلقٌ للغاية.  والحسبة التالية، برغم أنها تقريبية واعتمدت التقليل لا المبالغة، توضح المسألة.  لنعتبر أنّ محافظات طرطوس واللاذقية والسويداء ومدينة دمشق في قبضة النظام؛ ولنعتبر أنّ القنيطرة ودرعا وحماة وحلب للنظام فيها سيطرة متأرجحة؛  ولنعتبر أنّ النظام فاقد السيطرة على محافظات إدلب ودير الزور والحسكة والرقة وحمص وريف دمشق.  وهذه الحسبة تعني أنّ النظام الحاكم يسيطر سيطرة كاملة على 25% فقط من السكان، وسيطرته على 35% منهم متأرجحة، وفاقد السيطرة على 40% منهم.  أما إذا اعتبرنا مساحة المحافظات، فإن النظام يمسك إمساكاً تامّاً بـــ 6% فقط من مساحة سورية، بينما يمسك على نحو متأرجح بـــ 17% منها، و 76% من مساحة الدولة خارجة عن سيطرته المباشرة.  وهذا وضع يناقض أساس قيام أي نظام حكم، وبالأخص الأنظمة القمعية.  فهل يعني ذلك أنّ النظام قريب من لحظة حُطامٍ ينهار فيها فجأة كبناءٍ تآكلت أسسه فما لبث أن سقط في لحظة وتحولت أعمدته رماداً؟

السقوط المفاجئ الوشيك ما زال غير مضمونٍ لأسباب عدة، أهمها أنه ما زال للنظام استنادات تقوّيه، وتغيّر هذه الاستنادات هو الذي يقرّب موعد انفراط الأمر أو يؤخّره.  بتقديري، النظام أصبح خاوياً بنفسه وبعصبيّته التي يستند إليها؛ يعني العشير المصلحيّ والعشير الأقلوي والعشير العلوي لم يعودوا كافين لقيام الحكم.  السند الإيراني أصبح هو المعتمد، وهو يمشي موازياً للتردّد الدولي وإعطاء الخليط من الإشارات.

فالعشير المصلحي، باستثناء ثلة من الذين يثرون من الحرب، يرى أمام عينه التراجع الحادّ في المال والجاه والسلطان.  أما الخائفون فإنهم يرون التغيير آتياً لا محالة ويرتعدون من المجهول المستقبليّ بقدر ما يرتعدون من المعلوم الحاضر.  أما العشير الأقلوي، فتناقصت ثقته كثيراً في استمرار الحكم وفي إمكانه الاستمرار بقمع الإرادة العامة.  وإذ يخشى هذا العشير مما ستؤول إليه الحال وينتابه خيال ذعرٍ من المستقبل، فإنّ أفراده الذين لا يمكنهم الهجرة يفكّرون بكيفية التأقلم مع الوضع القائم وتخفيف خساراتهم، كما يفكّرون بإمكانية التحالف مع قوى داخلية وخارجية للتحصّن من القادم.  أما العشير العلويّ/النصيريّ فإنه الأكثر ذعراً والأكثر حرصاً على عدم تغير الأمور، والأكثر مخادعة للنفس وإنكاراً للواقع وعيشاً مع أوهام قوة النظام –إلا ما تحدّث به النفس في رهبة الليل- ويعيش حال قلقٍ بالغٍ من مجازر تُرتكب ضدّه وإبادةٍ من الوجود.

التهديد الوجودي هو الذي يقف وراء إصرار الكتائب العلوية على الاستمرار في المعركة.  وهي علوية بمعنى أنّها تأتمر بأمر نخبة الحكم التي تستغلّ الرابط العلويّ، وبمعنى أنّ أعتى الفرق المقاتلة –الفرقة الرابعة و الحرس الجمهوري- أغلب طاقمها من عشيرة العلويين المؤدلجين طائفياً.  وهناك سببان آخران للاستمرار: عبادة الذليل للقوة الشريرة، وربما نوع من التماهي الغيبي/الخرافي مع الطغمة الحاكمة التي تُنبئ عنها ألفاظ الكفر والتأليه التي يتفوّه بها الذين يقومون بما يندى له جبين البشرية؛ و التهديد الوجودي الذي تشعره العشيرة العلوية.  التهديد الوجودي هو كذا، يجعل المرء يدافع لآخر لحظة ليقينه بسحقٍ محقّق إذا ما اختار غيره، وإن يمكن أن يتحوّل ردّ الفعل للتهديد الوجودي عند البعض في لحظة من اللحظات إلى استسلامٍ يائسٍ.

استبعاد الانهيار المفاجئ لا يستند إلى عناصر القوة الداخلية وإنما على الاستنادات الخارجية.  فعندما تسمع طغمة النظام أنّ إيران بمالها وسلاحها تقف وراء النظام وتطمئنه، وتصطفّ معه روسية التي يَنظر إليها كثيرٌ من ضباط الجيش نظرة إعجاب، فإنه يعطيها تماسكاً لحظياً.  ويُضاف إلى ذلك المواقف الدولية التي لا تبدو للنظام حاسمة ضدّه.

والدعم الإيراني –كما هو معروف- لم يعد يقتصر على المال والخبرة والسلاح، بل أصبح يشارك فيه مقاتلون ممن يسمي نفسه حزب الله.  وفي تقرير لي قبل سنة، استبعدتُ أن تشترك عناصر حزب الله داخل سورية في نطاق يتجاوز حدود دمشق.  ولكن فاتني يومها أنّ عناصر الحزب يمكن أن تغلغل من جهة حمص؛ غير أني ما زالت أؤكد أنّ هذه مخاطرة للحزب تضرّه بتبديد قواته.  وهي في المحصلة تؤخر السقوط ولا تمنعه.

تلخيص واستنتاج

وألخّص المناقشة أعلاه بالمعادلة (1) التالية:

خواء داخلي + الشعور بالتهديد الوجودي + الاطمئنان إلى السند الإيراني —> يحدّد إمكانية الاستمرار 

لا تستطيع الثورة التأثير على العاملين الثاني والثالث، ولكنها تستطيع أن تؤثّر على العامل الأول، الخواء الداخلي.  ولذلك فإنّ الدعوة إلى الإضراب يمكن أن يُقال أنّ وقتها قد حان.  وقتها الأكيد هو بعد حسم حلب وبعد سقوط مدينة إدلب ووصول الثوار إلى مشارف حمص.  عند هذه النقطة تُصبح فاعلية العصيان المدني عالية.  فهل يعني أنّ الأمر مبكّر الآن.  لا أملك ما يجعلني أقترح رأياً في الأمر، والحراك الثوري أدرى بذلك.  غير أنه ربما مطلوب تهييء الناس (في دمشق خصوصاً) من الآن، برغم أنه لا تخفى تحديات التنفيذ.  كما أن العصيان المدني في هذه المرحلة يعطي قوة للبدائل السياسية وللائتلاف الوطني.

احتمال الانهيار المفاجئ

دواعي الاستمرار لا تتعلّق بالانطباعات وبمشاعر القادة والمقاتلين فحسب؛ والدعم الخارجي لا يضمن عدم الانهيار وإنما يؤثر على توقيته وطبيعته.  ومعقل انهيار الحكم وتفكّكه العوامل الموضوعية التالية: (1) عدم دخول التصدّع إلى الثلة الحاكمة التي تمسك بزمام القرار؛ (2) وإمكانية التواصل مع القوات على الأرض؛ (3) وتوافر العتاد وإمكانية الإمداد به؛ (4) وتوافر المال لإدارة البلد والدولة.

تصدّع النخبة الحاكمة هو أهم عامل في سقوط الدول.  وهذا العامل يصبح أكثر حسماً عندما تكون بنية النظام تحت ضغوط عدة، مثلاً ضغوط اقتصادية أو ديبلوماسية.  وذلك لأنّ الحكم يسيطر على مقادير هائلة من الموارد.  والموارد التي يسيطر عليها نظام حكمٍ ليست من نوع الثروة الشخصية لإنسان ثريّ، وإنما هي مكانز واسعة بسعة البلد وعدد سكانه؛ وهذا جارٍ حتى ولو لم يكن البلد غنياً، ولا سيما في سياق نزاع داخلي، لأنّ الأمر عندها يكون نسبة لما عند المواطنين من مالٍ وأرزاق.  فالحكم له طرائقه في استلال الأموال العامة من خلال الضرائب والرسوم، ومن خلال تحويل المبالغ المرصودة لوزارة ما إلى مشاريع (طوارئ).  وهذا صحيح على عامة أنواع الحكم، وهو أكثر انطباقاً على حكم استبدادي مركزي مخوّل بالسرقة واقتطاع الأموال بظلمٍ فادح.

والحكم في سورية أصبح بيد حفنةٍ صغيرةٍ في منظومة حكمٍ استبداديٍّ اعتاد الجبروت ومارسه منذ خمسة عقود.  وكان يتمّ تصفية أخطر المنافسين البارزين، فتضيق مساحة اتخاذ القرار وتتقلّص إلى الأكثر رعونة، فتعجز الثلة الصغيرة عن قراءة الواقع، فتوقع مجمل النظام في شرّ أعماله.  وتناقص عدد صانعي القرار يخفّف احتمالات الانفراط الفوقي، ولكن يجعله نهائياً إن حدث.  وتناقص عدد صانعي القرار من حوالي ثلاثة عشر إلى حوالي خمسة يخفّف احتمالات الانفراط الفوقي، ولكن يجعله نهائياً إن حدث.  وأضف إلى ذلك واحديّة مكمن القوى.  النظم الاستبدادية تستند عادة إلى مجموعة من مكامن القوة التي تتفاهم فيما بينها؛ مثلاً، جهاز الاستخبارات والعسكر والطبقة السياسية العليا.  في النظام السوري، وفي ما آل إليه خصوصاً، تقلّصت أعمدة الاستندات إلى عامل واحد، فالأعمدة المتعددة التي كان يستند إليها كانت هي ذاتها خاضعة لرابطة مخابراتية، وهذه بدورها ممسوكة بأيادي حفنة.

وليس من المبالغة القول إنّ الخبرات الإيرانية هي التي ترصّ الثلّة السورية الحاكمة التي ربما ترتعد فرائص بعض أفرادها ولا يهدّئها إلا سِكْر الوعود، بما في ذلك دغدغة فكرة دولة علوية على الساحل؛ كما لا يمكننا أن ننفي وجود تشجيع إسرائيلي، بغضّ النظر أنّ إسرائيل تعمل على خطٍ ثانٍ معاكسٍ، من باب إبقاء خياراتها مفتوحة.

العامل الثاني الذي يمكن أن يسرّع الانهيار هو العجز عن التواصل مع القوات على الأرض.  فمعلوم كم يعتمد التنظيم العسكري على الهرمية في القرارات، ومجال الاجتهاد لقادة الفرق والألوية هي تكتيكية أكثر من استراتيجية.  وإذا انقطعت قطاعات من الجيش في ناحية من البلد عمّا يجري في الأماكن الأخرى اضطرب مسلكها.  وتضطر الكتيبة مقطوعة الاتصال أن تحزر تصرفات العدو حزراً، وتعجز عن تقدير الطريقة المثلى للمواجهة.  وفوق كل ذلك، يخالجها شعور انهيار مركز الحكم وبقائها في الساحة وحدها لتكون موضع انتقام.

العامل الثالث يتعلق بتوافر العتاد والذخيرة وتواصل الإمداد.  وفاعليات هذا العامل شبيهة بقضية الاتصالات، إلا أن لها بعداً مادياً يتعلّق مباشرة بالعملية القتالية ولا يقتصر على بُعد معرفة حدود المناورة.  ويغدو عندها أي اشتباك مع الأعداء مغامرة خطيرة لأنها تُنقص مخزون الذخائر، فتضطر الكتيبة إلى الاكتفاء بالمدافعة السلبية والاحتفاظ بما عندها من قوة قدر الإمكان.  فإن طال أمد انقطاع الإمداد يصبح الاستسلام هو الخيار شبه الوحيد.  والإمدادات لا تقتصر على الذخيرة والأسلحة، وإنما على غيرها من الطعام ومتطلبات الإسعاف، وهذا يتعلّق بقدر توافر هذه المواد في المحلّة أو البلدة القريبة، فيمكن الاستغناء ولو مؤقتاً عن الإمدادات الرسمية من قيادة الجيش.  وكره الناس للنظام لا يجري في صالح القوات المعزولة.  ولقد فقد النظام كثيراً من قوّته بسبب قطع طرق الإمداد.

العامل الأخير هو توافر المال اللازم لإدارة الدولة وتأمين احتياجات البلد.  فالحكم الحديث يستند إلى عمل مؤسسات بيروقراطية.  وبرغم اهتراء هذه المؤسسات في سورية وسوء خدماتها، هي جزء من قيام النظام.  ومنها نظام جمع الضرائب الذي يؤثر مباشرة على الحكم.  وحتى توقّف خدمات توزيع الكهرباء والماء وما شابهها من الخدمات الأساسية يحيل الحكم إلى ما هو مستغنٍ عنه في نظر الناس.  وفي سورية يعمل قسمٌ كبيرٌ من الناس في القطاع العام ويعتمدون في معاشهم على المال الآتي مباشرةً من الدولة.  وإذا تأخر دفع رواتبهم فإن ذلك أوضح مؤشرٍ لهم بأنّ الأمر قد قارب النهاية.  ومعروفٌ كم أثّر العجز المالي على سلوك الشبيحة القذرين، وكيف أطلقوا يدهم في السرقة والنهب، وأنّ سرقة غير الضروري من البضائع (تلفزيون كبير مثلاً) لم تُجد إذ ليس هناك راغبون في الشراء، وسرقة قناني الغاز أجدى ولكن ربحها قليل…

تلخيص واستنتاج

ألخص المناقشة أعلاه بالمعادلة (2) التالية:
تصدع ثلة القيادة × إمكانية التواصل × توافر العتاد × توافر المال —> يحدّد احتمال الانهيار المفاجئ

هذا التقدير هو للمستوى القريب، بين شهر وثلاثة أشهر، ويعطينا فكرة تجاه الذي ينبغي التركيز عليه.

ولا يمكن للثورة التأثير على العامل الأول ولا الرابع.  العامل الأول تؤثر فيه تطمينات روسية وإيران.  أما الدول الغربية فالمرجّح أنّ أثرها هو بين الضباط الذين تتصل بهم سرّاً وليسوا من الدائرة الصغيرة للإدارة.  توافر المال يمكن أن تضغط عليه القوى الدولية، ويصلح أن يكون مطلباً للائتلاف الوطني، مع العلم أنّ الاستجابة الدولية لا تتوقّف على المطالبة من المعارضة، وإنما تقوم على اعتبارات خاصة بالدول التي تمارس الضغط.

توافر العتاد أثّر عليه كثيراً قطعُ الثوار لطرق الإمداد.  والأسلحة التي غنموها ساعدت وتساعد على مزيدٍ من هذا.  بالتأكيد، “السلاح النوعي” يساعد كثيراً ويسرّع الأمور، ولكن من المستبعد التزويد به قبل إمساك المزوّد بأوراق اللعبة السياسية.

ضرب إمكانية التواصل أمر حاسم جداً.  ومنذ الثورة الليبية ورأيي كان أنّ أهم المطلوب هو أجهزة اتصالات لأنها تمكّن من: (1) التنصّت والرصد اللذان يسهّلان الهجوم ويقومان بالإنذار لاتقاء الضربات ولإحكام الدفاع؛ و (2) تشويش اتصالات العدو وقطعها أو حجبها.

ودعنا نتفكّر بأثر التشويش والحجب.  ماذا يحلّ بقوات النظام المنتشرة في سورية إذا جرى التشويش على الاتصالات بشكل تام.  ماذا سيكون شعور الناس إذا انقطعت إذاعة النظام وتلفزيونه لمدة عشرة أيام.  يغلب أنّ النظام الحاكم يستطيع البثّ الإذاعي (الراديو) من خلال محطات بديلة، فهي رخيصة وسهلة التشغيل.  ولكن ملاحقتها والتشويش عليها، واضطرارها الانتقال من تردّد إلى آخر، يجعلها في موقف دفاعي ضعيف.  أما التعامل مع الإرسال المرئي فأصعب.  والبثّ الفضائي البديل إن توفر  يعقّد عملية الإخراج ويضرب في صميم صورة الإمساك بزمام الأمور.  وهذه الوسائل (سلمية) ولا يذهب ضحيتها بشر.  ولكن يُستبعد أيضاً أن تزوّد بأجهزة التشويش الدول (الصديقة)، فهل يمكن تأمين أدواتها أو بعضها من السوق الحرّة؟  وألا يعني أنه حان إنشاء إذاعة راديو للثورة، والأولى أن يرعاها الائتلاف الوطني.  ولا يخفى أنّ مثل هذه الوسائل هي أكثر ما تُقنع الناس بالعصيان المدني.

وأخيراً، أنبه إلى أنّ العوامل الأربعة في المعادلة رقم (2) هي بالترتيب التي ذُكرت فيه: تصدّع الثلة الحاكمة ثم التواصل ثم توافر العتاد والإمداد ثم توافر المال؛ بمعنى أنه إذا حصل التصدّع الفوقي لم ينفع الباقي، وإن فقد التواصل فيكاد لا ينفع العتاد الذي سرعان ما ينفد.  كما اخترت لعلاقتها الرياضية إشارة الضرب، بمعنى أنه إذا أخذ متحول من متحولات المعادلة قيمة الصفر فإنه يحيل الناتج كله إلى صفر، أي إلى الانهيار السريع.  وما يلي تقدير للناتج بحسب بضعة مصفوفات من القيم المفترضة للمتحولات (مع تثبيت متحولَي العتاد والمال):

 تصدع ثلة القيادة × إمكانية التواصل × توافر العتاد × توافر المال —>  يحدّد احتمال الانهيار

تصدع ثلة القيادة (ضعيف) × إمكانية التواصل (عالي)   × توافر العتاد (عالي)    × توافر المال (متوسط) —>    استمرار مع اقتدار

تصدع ثلة القيادة (ضعيف) × إمكانية التواصل (متوسط) × توافر العتاد (متوسط) × توافر المال (متوسط) —>    تراجع مستمر

تصدع ثلة القيادة (متوسط) × إمكانية التواصل (متوسط) × توافر العتاد (متوسط) × توافر المال (متوسط)  —>  تفكك متدرج

تصدع ثلة القيادة (متوسط) × إمكانية التواصل (ضعيف) × توافر العتاد (متوسط) × توافر المال (متوسط) —>    انهيار متتابع

تصدع ثلة القيادة (عالي)   × إمكانية التواصل (ضعيف) × توافر العتاد (متوسط) × توافر المال (متوسط) —>    انهيار وشيك سريع

فهذه احتمالات خمسة مبنية على أربعة عوامل موضوعية.  وبحمد الله تجاوزت الثورة الاحتمال الممقوت واتجهت نحو الاحتمالات المحمودة.  والنظام الغاشم زائل لا محالة، بقدرة قدير وعزّ عزيز…  والخلاص قريب بإذن الله.

مازن هاشم
30/11/2012

Tagged: , , ,

2 thoughts on “احتمالات الانهيار المفاجئ

  1. Wassim 2012/12/01 عند 10:16 ص Reply

    لقد تم التطرق للموضوع من زاوية جديدة و خلاقة. هذا قد يفتح الآفاق أمام بعض العارفين وأصحاب القرار للتفكير بشكل إبداعي وبناء.

  2. Syrian George 2012/12/01 عند 8:03 م Reply

    من الواضح أنه قد تمت صياغة محتوى المقالة اعتمادا على منطق واضح وقراءة جيدة للأمور.. تحية لك أخي مازن هاشم

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: