تحدثنا في القسم الأول عن محاولات التحديث العثمانية التي ترافقت مع تأزّمٍ في الهويات الجمعيّة. ثم بيّنا في القسم الثاني كيف ظهر التوجه العروبي كمشروع سياسي للمسلمين العرب، وتلاه ظهور التوجه القومي العربي الذي نحّى الخلفية الحضارية المسلمة وتنكّب للروح التاريخية لمنطقة بلاد الشام. القسم الثالث أشار إلى أنه ما لبث أن حدث انزياحٌ في التوجه القومي العربي نحو الرؤية القُطْرية، انزياح يظهر في الخيارات السياسية أكثر منه في الخطاب، وهو الانزياح الذي افتُتنت به خصوصاً المجموعات غير المسلمة.
يناقش هذا القسم الرابع إشكالات الانتماء الجمعيّ والهوية عند المجموعات قليلة العدد في سورية لما بعد الاستقلال. وقبل الخوض في تفاصيل المجموعات الثلاث التي تشملها هذه الدراسة (المسيحيون والكرد والعلويون-النصيرية)، سوف تتمّ الإشارة إلى مفهوميّ الـهُويّة والأقلـيّة، لأنهما يتعلّقان على نحوٍ كبير بمنهج التحليل المتّبع في بقية الفصول.