تظهر عبارة “حياد العَلْمانية” في الإعلام بين الحين والآخر، وهي عبارة غير دقيقة بل خاطئة.
تمثّل العَلْمانية نظرة خاصة للحياة. هي رؤية كونية خاصة بالمصطلح المعرفي أو بلغة الفلسفة.
للعلمانية مصفوفة خلقية تحتفي بها، وممارسات تعتبرها طبيعية، ونمط حياة مفضّل…
إذا كانت كذا، فكيف تكون محايدة؟
فكرة الحياد أصلاً فيها إشكال من الناحية الواقعية، فما من شيء في حياتنا إلا وله ميل…
هل الموسيقا الصاخبة أرقى أم الموسيقا الكلاسيكية؟ يصعب أن يكون هناك موقف حيادي، ولو كان الجواب أن كلاً منهما راقٍ في وقتٍ ما أو بحسب طبيعة السهرة لكان ميلاً ما وغير حيادي.
وأيهما أفضل، النظام الرأسمالي غير المقيّد، أم الرأسمالي المقيّد بضوابط، أم نظام السوق الاجتماعي، أم الاشتراكي…
لا يمكن لنابهٍ أن يكون حيادياً تجاه هذه الخيارات.
* * *
وتتردّد أيضاً عبارة “العَلْمانية تقف على مسافة واحدة من الأديان”، وهذه عبارة غير صحيحة وتناقض ما عليه الواقع حقيقة.
فالعَلْمانية تنظر بنوع من الاحترام أو التحمّل للمسيحية ورجال الدين المسيحي عامة، ولكن تفرّق بينهم بشكل كبير. مثلاً، درجة تحملها لفرقة الـبرسبيتيريان (Prespetarian) هي عادة أعلى من المعمدانية وأعلى من الـ (Adventism)، وتنظر بعين الريبة إلى فئة المورمن (LDS)، وليس واحداً منها عنفيٌ إرهابي. أما موقف العَلْمانية من الكاثوليكية فهو أمر آخر ومختلف جداً.
ولا يوضّح الصورة مثل الموقف النفسي للعلمانية من البوذية، إذ ترى فيها رقيّ وتحابيها بشكل واضح على أنها رمز السلام والفلسفة العميقة (رغم أن طائفة منها مارست الإرهاب حديثاً).
العَلْمانية تنفر من الأديان بشكل عام ولكن عتبة تحمّلها للأديان الأوربية أو الآسيوية أعلى بكثير من الإسلام. ألا ترى أن الراهبة هي موضع احترام في ثقافة المجتمعات الأوربية (وربما تسخر من ذلك في خاصة الأمر)، ولكن عندها عقدة واضحة من اللباس الساتر للمسلمة.
* * *
قد يقال لا لا… المقصود هو الحياد من ناحية القوانين والحقوق.
غير أنه هل يمكن أن يكون هناك مساواة قانونية في غياب النظرة الإيجابية والمساواة العرفية؟! نعم، تمنح النُظم العَلْمانية مساحةً ما للدين، ولكنها مختلفة لدين وآخر. وعلى كل حال، دعنا نتفحّص هذه الدعوى في الواقع:
- كندا ترفض الاعتراف بغير المسيحية كدين رسمي (مؤهل مثلاً لتلقي دعم للتعليم الديني)، وكذا ألمانيا.
- في الولايات المتحدة الأمريكية ليس هناك اعتراف رسمي بأي دين، ولكن هناك معاملة خاصة في الضرائب لبعض مناصب الوعظ الديني، وليس من السهل على وعاظ الأديان غير الهرمية وغير المنظمة (مثل الإسلام) أن يحظوا بذلك.
- في فرنسا، النشاط الديني الكاثوليكي منظّم وفق وصفة مفروضة قسراً من قِبل الدولة العَلْمانية.
* * *
ولو قلنا للعَلْمانية مسافة متقاربة بينها وبين الأديان من ناحية الحقوق، إلا أنها تضع نفسها فوق الجميع وفي عرش الملك الذي يقرّر ما يحقّ للأديان من مساحة التحرّك.
- النظام العَلْماني الشيوعي كان أشدّ الأنظمة اضطهاداً للدين بناء على أنه من مخلفات البرجوازية.
- النظام العَلْماني الفرنسي أشد النظم اللِبرالية تضييقاً على حرية الدين، ولذلك يشار إليه بوصف “الأصولية العَلْمانية”.
- النظام العَلْماني الأمريكي يتكلم عن “سوق الأديان” ويتحيّز ضدها في بعض الأمور بحسب الولاية (مثلاً منع الدعاء في بداية الحصة المدرسية، أو الفضّ في مسألة الإجهاض من قبل المحكمة العليا وعدم تركها إلى خيار المجتمع)، ولكنه –بحسب رأي بعض العلمانيين– يحابي المؤسسات الدينية بإعفائها من ضريبة الدخل وجعل التبرع لها مقتطع من الدخل الخاضع للضريبة مثل المؤسسات غير الربحية.
وكما تلاحظ، لم يجرِ أي تقييم للعلمانية، وإنما تفحّصٌ لما هو عليه الواقع حقيقة فحسب.
وتستعمل بعض الصحف عبارة “العَلْمانية السياسية”، وهو مصطلح موهم وغير علمي، ولا خلاف عندنا في رفض أن تكون المؤسسة الدينية هي نفسها الممسكة بالسلطة ولو لم تحتكرها.
المسألة أكبر من حقوق هنا وحريّات هناك. المسألة هي عن صيغة تنظيم الحياة.
ومرة ثانية، العَلْمانية هي رؤية كونية ونظرة معينة للتعامل مع الإنسان والكون.
والعَلْمانية تضيّق على خيارات النظرة الدينية وتحاصر تجلّيها في الفضاء العام، وإن تركت لها صوامع معزولة صغيرة أكانت أم كبيرة.
* * *
يحسن التنبيه إلى أن العَلْمانية كمفردة ليست مشتقة من العِلم، بل من تقسيم الكون إلى عالمين (ومن هنا جاءت الفتحة على العين وبتسكين اللام). العَلْمانية تفصم الحياة إلى عالَمي المقدّس و المدّنس.
هذا التقسيم ليس أمراً نظرياً ليس له تبعات. العَلْمانية تفترض أن الدين هو من حيّز المقدّس، ومكانه دور العبادة فحسب. أما معظم مجالات الحياة فهي من عالم المدنّس ولا تحتاج إلى القيم العُلوية.
قد تقول هو أمر جيد بسبب كذا وكذا… ولكنه ليس حياد.
العَلْمانية لها مواقف معينة في حقول السياسية والاقتصاد والاجتماع، ومن خلال دولة الحداثة أصبحت تسيطر على زوايا هي من الحياة الخاصة للناس.
والتحيّز العَلْماني يمكن أن يبلغ ليس حدّ الإقصاء فحسب، بل حدّ السحق أيضاً.
في السياق التي تمارس فيه داعش العنف الاستعراضي، وتُصَمّ الآذانُ بآراءٍ اعتباطية تدّعي أنها سلفية وآراءٍ أخرى هي في حالة غيبوبة وتدّعي أنها تراثية، يُخيّل من سِحر الإعلام أن التقاف مصطلح العَلْمانية يريح من التحجّر.
أما للإديولجيين العَلْمانيين، فادعاء الحياد للعَلْمانية لا يعدو أن يكون باطلاً أريد به باطل.
مازن موفق هاشم
11-11-2015
اجمل العبارات ان العلمانيه هي عتبه
واضيف ان
العلمانيه الغربيه هي عتبه المكر التي تختبا الصليبه الغربيه في عبأتها وتبرقع وجهه بحجاب الديمقراطيه وتكحل عينها بالحريه — ولكن هذه العلمانيه لا يمكنها ان تختبا عندما تاتي لمصطلح الدوله العبريه فهي المسوؤل الاول عن حمايه كينونته التي تنفس به صعداء الحقد — ومن انتصارات الثوره السوريه انها كشفت عن الوجه القبيح لهذه العتبه
العلمانيه الشرقيه هي العتبه ذات الوجه القبيح للصليبه الشرقيه بكل انواع وصنوف القوه والجبروت
العلمانيه العربيه هي العتبه الغبيه التي لا تدري ما تفعل فهي تاره غربيه وتاره شرقيه وتاره مذبذبه لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء وتاره خرساء لا تنبت ببنت شفه كما هو حال علماني سوريا من الموقف الروسي والغربي والصفوي والعبري من عروبه سوريا ووحده اراضيها
كما قطعت الثوره السوريه الطريق بتشكيل حكومه مؤقته برغم كل المساوىء — ان الاوان ان تقطع الطريق على العلمانيه بكل اشكالها بتاسيس دستور جديد للبلاد قبل ان ترمى فتنه الدستور الغربي والشرقي وتصنيف الفصائل — ربما نحن من هذا الموضوع اقرب من الاتراك بتغيير دستور البلاد — فرصتنا سانحه في ظل التدخل البغيض الروسي والصمت الغربي المقيت والدفاع الشيعي والصفوي الستميت — لا بد للمخلصين ان يجتمعوا ويستفيدوا من التجربه الماليزيه والتركيه معا ل في حكم البلاد لكتابه دستوربلاد الشام على ان يتبناه الاتلاف والفصائل على الارض حتى يعلم العالم اعتدال الثوره وموقفها الواضح من قتل الابرياء في سوريا وفلسطين الخ—
ايمن
مشكلتنا الأساسية ليست تعريف العلمانية كما تمارس في الغرب إذ أنه لا يوجد تعريف متتطابق قانونيا أو عمليا للعلمانية لكل دولة و نظام في الغرب. مشكلتنا الأساسية هي تعريفنا نحن أهل المشرق و خصوصا المسلمون حول علاقة الدين مع السلطة الدنيوية؟ قريبا سوف يمضي قرن على سقوط أخر خلافة إسلامية و رغم التاريخ الفقهي العميق حول الموضوع لا يوجد إجماع واسع سوى من منظار تشريعي نظري لا يرتبط مع الواقع الحالي؟ طبعا لا يوجد حياد مطلق في أي نظام يديره بشر
العلمانية مفرز أوربي جاءت نتيجة لتطور تارخي لمجتمعتها. وهي عندنا بالعدوى.
[…] ملاحظة: هذا المقال متابعة ورديف لمقالي المختصر “حياد العَلْمانية؟“ […]
العلمانيه
العَلمانيه كما أراها هي ممارسه ماديه للحياه (السياسية والاقتصاديه والاجتماعيه) بعيدا عن الدين باخلاق رخوه تعزز الشهوات والمصالح على حساب المبادئ في السلوك الإنساني
ورغم ان العلمانيه تنكر بانواعها كافه الممارسات الدينيه للحياه (السياسية والاقتصاديه الاجتماعيه) الا انها تجتزا من الدين ما يلائم المصالح الماديه متى ارادت
ولكل علمانيه خاصيتها وشروطها التي نشأت فيها ومبادؤها التي قامت عليها وبما ان الحديث عن العلمانيه وحيادها أتطرق لموقف العلمانيه من الدين
فالعلمانية الامريكيه تعترف بيهودية الدوله العبريه وتخصص لها حيزا وافرا في فضاءاتها ١- الفكريه من خلال الاعلام ٢- الاقتصاديه من خلال منظومه الاعفاءات الضريبه للمؤسسات اللاربحيه ٣- والسياسيه والعسكرية باعتبارها الولايه الشرق أوسطيه للولايات المتحدة من خلال الدعم اللالمتناهي تحت قبه الامم المتحدة والمساعدات والتبادل العسكري والتراخي حيال التطهير العرقي على أساس الدين يشمل ذلك مسيحيوا فلسطين
اما العلمانيه الفرنسيه فإنها تعترف بصهيونيه اسرائيل (والصهيونيه في المفهوم الفرنسي مزيج ديني معاصر للديانه اليهوديه -غير لاهوتي – وطاغوتي في آن واحد رغم انه يعتمد الروايه العبريه للمعبد) على ان اسرائيل الايقونه الديمقراطيه للعلمانيه في الشرق الأوسط. ورغم اعترافها بالعلمانية العبريه فإنها لا تعترف بالعلمانية التركيه الجباره لان هذه الاخيرة نشأت من رحم دوله الخلافه الاسلامية … لذلك لا ينبغي للعلمانيه التي نشأت من رحم عربي او إسلامي ان تكون في موضع المنافسه
او موطن الحداثه كما هي عليه العلمانيه العبريه
والعلمانية الروسية علمانيه هي اقرب للذهنيه القيصرية فهي أشد الحادا من العلمانيه الغربيه حتى زمن ما قبل انهيار الاتحاد السوفياتي …. اما وأن الصوره الإلحادية انهارت بانهيار الاتحاد السوفياتي فإنها هذه العلمانيه عادت الى حظيره العلمانيه الفرنسيه / الاوربيه فقد لبست لبوس العلمانيه الأرثودكسية كي تبرر وجودها بين العلمانيات الغربيه ذات الطابع البروستانتي او الكاثوليكي
في رأي ان العلمانيه بشكل عام والغربيه منها بشكل خاص دخلت حاله احتضار منذ احداث سبتمبر اذ لم يأل الاعلام الغربي المتطرف جهدا في عمليه Radicalization of the public opinion مما حرك النزعة الدينيه المتطرفه في المجمتع الأوربي والأمريكي والروسي حتى طفت على السطح في تصريحات قاده المجتمع المدني (صناع الاٍرهاب والمستفيدون منه) لذلك تلاقى هذا التطرّف الفكري مع التطرف الصهيوني في فلسطين فاحل التطهير العرقي او سكت عنه وعن الاستيطان … كما احل التطرّف الشيعي الصفوي مما أفضى الى تسويه الخلافات السياسية والسماح للتطهير العرقي في كل من سوريا ولبنان والعراق واليمن ( وكانت الصفقه في الاجتماعات المغلقة في فينا)
اما العلمانيه ألعربيه على ألطريقه البعثيه او البورقيبه فقد دفنت مع دفن اقطاب البعث والبورقيبيه رغم انها لم تكن في يوم من الأيام مصحوبة باي وجه من وجوه الحداثه بل بالعكس جلبت الويلات على شعوب المنطقة … واما العلمانيه التركيه فانها أخذت وجه الاسلمه والوسطية بوصول حزب العداله والتنمية …. ورغم ان هناك من يحاول إنعاش العلمانيه ألعربيه والتركيه من خلال اداره الصراع في سوريا فان احتضار هاتين العلمانيتن ألعربيه والتركيه أسرعت في كشف الوجه الحقيقي للعلمانيه الغربيه ففضحت الثوره الشاميه المستور وكشفت الستار عن اليمين المتطرف وتتطرق اليسار نحو اليمين فاتسعت بذلك دائرة الاٍرهاب الصهيوني وتغولت أيدي صناع القرار في زرع الاٍرهاب بسكل مباشر او غير مباشر كي يحقق مصالح العلمانيه الغربيه … اتسعت دائره الاٍرهاب الصفوي والصهيوني في المنطقة دون رادع او وازع من انسانيه …. ان ترجيح كفه النظام على المعارضه المعتدله وتشويه صوره الاسلام بخلق تنظيمات متطرفه والدفاع عن العلمانيه ( كيري وزير خارجيه الولايات المتحدة على سبيل المثال في لقائه الأخير مع الجزيره والذي لم يتجاوز العشر دقائق كرر عباره سوريا العلمانيه خمس مرات) دفاع المستميت لا يمكن ان يحي العلمانيه او يحسّن صورتها لانها فقدت الحياد حين فاضلت بين الأقليات وشجعت التناحر المذهبي … صحيح ان الواقع العربي والإسلامي سيّء الا ان توسع الرديكاليه الغربيه على حساب الحياد العلماني في كل من فرنسا وبريطانيا من جهه والتطرف الشيعي من جهه اخرى وتوسع الاٍرهاب الصهيوني ينذر بحرب ضروس بعد رحيل الأسد (الديار الشاميه على سف جرف هار ستنقرض معه ايديولوجيات بدت حياديه واليوم تكشف عن زيفها وكراهيتها) رغم ان دوره قد انتهى ومهمته في إيجاد المسوغ للتدخل الغربي بقياده اليمين قد تحققت … هذا هو الوجه الجديد المقنع للعدوان الصليبي على الديار الشاميه وعلى الاسلام فهم يدركون حقيقه نحن لا ندرك معانيها ان الديار الشاميه هي فسطاط المسلمين … هذا وبالله التوفيق والسداد فان أصبت فمن الله وان اخطأت في التحليل المنطقي السياسي فمن نفسي. والسلام