22/10/2011
لا يمكن للسقوط المهين للقذافي إلا وأن يكون له صدى في ذهن الثورة السورية، وأن تصبح مسألة التدخل العسكري الخارجي أكثر دغدغة للخيال. ولكي يقترب تخيل المستقبل المجهول من النتيجة التي سوف تصل إليها سورية فعلاً، ينبغي التفكر في الاحتمالات المتوقعة وفيما إذا كانت ستشبه السيناريو الليبي أم السيناريو العراقي. فجواب الثورة بتحبيذ أي نوع من التدخل ينبني أولاً وآخراً على تخيّل النتيجة النهائية لكل من هذين الاحتمالين. وفيما يلي بضعة أسئلة تتعلق بالأمر.
هل سيجري نتيجة التدخل تدمير البنية التحتية للبلد، مثل ما حدث في العراق، بحيث تصبح بلا كهرباء ولا خدمات منتظمة لسنوات عديدة.
أم أن الأمر سيكون أقرب للحالة الليبية التي لم يدمر فيها التدخل العسكري كثيراً من المنشأات المدنية، لعدم اكتمالها أصلاً وللاستراتيجية الحربية أيضاً؟
هل سيحدث تدخل مباشر من دول الجوار يغير موازين القوى في الداخل؟ في العراق، كان التدخل الإيراني شبه كامل، وأصبح لنفوذها شبه الكلمة النهائية. وكان هناك أيضاً تدخل من دول أخرى، بما فيها سورية.
أم أن الأمر سيشبه الحالة الليبية حيث كان تدخل الجوار محدود. فلا مصر ولا تونس لهما مصلحة في فشل الثورة، بل كانتا مع الثورة شعباً وحكومة. السودان لم يكن قادراً على لعب دور فعلي، برغم ميل ثلته الحاكمة نحو نظام القذافي، فالسودان ضعيف الموارد ومشغول بمصائبه الداخلية. وكذا تشاد فهي غير قادرة على التدخل من غير قوة خارجية تمول فرق تشادية لمآرب خاصة. الجزائر كان البلد المجاور الوحيد الذي يتحسب من التغيير في لييبيا، والغالب أنه سعى لإفشاله في بداية الأمر. ولكن مثل هذا الموقف هو تحرك في عكس اتجاه الحركة العامة للمنطقة العربية فيصعب أن يكلل بالنجاح، ولا سيما أنه يصطدم مع مصالح شركائه الأروبيين في الناتو؟
هل هناك مصلحة خارجية لإسرائيل أو غيرها من الدول في تصفية الكوادر المتفوقة علمياً من أساتذة الجامعات والباحثين والخبراء والأطباء والمهندسين… كما جرى في العراق.
أم أنه لن يحصل تصفية للكوادر العلمية، فأكثر المثقفين والمتعلمين الليبيين هجروا بلدهم بسبب سياسات نظام القذافي؟
هل سينفرط الجيش ويُدمّر بشكل كامل مثل ما حصل في العراق.
أم أن الجيش، أو غالب فرقه، سوف ينزاح إلى جهة الثوار ويدعمهم كما جرى في ليبيا؟
هل سيكون هناك مقاومة شعبية مسلحة ضد الغزو كما حدث في العراق.
أم سترضى بقدر التدخل كل قطاعات الشعب، أرادوه من قبل أم عارضوه؟
هل سينقدح اقتتال طائفي بين أقلية وأكثرية، سواء حماية لمصالح تتهدد بشكل كبير أو خشية انتقام الأكثرية من الأقلية، تذكي مشاعر الاقتتال هذه وتؤزم أسبابه الموضوعية انتماءاتٌ دينية طائفية؟ وقريب من هذا حصل في العراق، وكان توزع الأكثرية/الأقلية مرتبط بالمنطقة الجغرافية.
أم هل سيغيب الاقتتال الطائفي لعدم وجود تعدد طائفي/ديني أصلاً كما هو في الحالة الليبية؟
هل سينقدح القتال بين مجموعات مسلحة مختلفة لا يُعرف تماماً ماذا تريد ومن يمولها ويدعمها، كما حدث في العراق.
أم أن الاقتتال الأهلي الداخلي لن يحصل كما هو الأمر في ليبيا إلى هذه اللحظة، إلا قتال في وجه كتائب القذافي التي هي جزء من النظام؟
هل هناك ميليشيات شبه جاهزة، لا ينقصها إلا التسليح، لها رؤية سياسية مستقلة، كجيش المهدي في العراق.
أم أن تشكّل الميليشيات له دافع وهدف وحيد هو إسقاط النظام، كما كان الأمر في ليبيا؟
وفي الحالة السورية هل سيدخل حزب الله المعركة بكل ثقله أم يكتفِ بالدعم الجزئي وغير المباشر؟
هل سيكون تحرك الكرد في سورية باتجاه حلم كردستان كما كان الأمر في العراق، وهل سيؤثرالسلوك المسلح للكردستاني في خيارات الكرد وفي ردود الفعل تجاه الكرد.
أم هل سيكون تحركهم باتجاه عدم تغيير بنية القطر –كما هو موقفهم الآن- وكما كان موقف الأمازيغ في ليبيا؟
هذه بعض الأسئلة التي سوف تسأل الثورة نفسها تجاه موضوع التدخل الخارجي. وبحسب جوابها على هذه الأسئلة، سوف تعدّل استراتيجيتها وتعيد التفكير بنوع التدخل المفضل. بقي أن نقول إنه ليس هناك إشارات بعدُ عن تحمس القوى الدولية، بما فيها تركيا، للتدخل العسكري. فهل يخطط لذلك له بهدوء، أم أنّ التدخل العسكري شائك ومكلف وسيتجنبونه بأي ثمن؟ وهل سيدفع السلوك المتهور للنظام السوري إلى أن تتطابق أماني الداخل مع استعدادات الخارج؟
د. مازن هاشم
المقال منشور موجود أيضاً على الرابط التالي: http://the-syrian.com/archives/48471
Tagged: التدخل الخارجي, الثورة السورية, الربيع العربي
اترك تعليقًا