17/11/2011
نعرف أن موارد ليبيا النفطية كانت حافزاً بارزاً في إسراع دول الناتو للتدخل العسكري في ليبيا.
وندرك أن إعادة التموضع الاستراتيجي للقوى المهيمنة عالمياً تجاه الثورة العربية كان الدافع الأساس للتدخل العسكري في ليبيا.
نعرف أن الطبيعة الشخصية للقذافي والطريقة التي يتعامل فيها مع الآخرين تثير القرف من المجتمع الدولي وتقلّل من فرص تحمّله وتُشكك في جدوى عقد الصفقات معه.
ونعرف أن النظام السوري على الرغم من كل أفاعليه الشنيعة أكثر حذلقة في الكلام وأقل شخصنة من النظام الليبي في نظر المجتمع الدولي.
نعرف أن الكثافة السكانية في ليبيا منخفضة مقارنة بسورية.
ونعرف أن العدد المطلق للسكان ليبيا صغير (حوالي ربع سكان سورية) مما يقلل كلفة أي تدخل.
ونعرف أن التركيبة السكانية لليبيا مختلفة جداً عن تركيبة التعدد الديني والقومي لسكان سورية.
لم يكن للنظام القذافي أصدقاء دوليين يعتمد عليهم بالرغم من كل الرشاوى التي كان يقدمّها.
النظام السوري يرتبط بدولة وبميليشيا لهما مصالح قوية في بقائه، ويقبض الرشاوى ممن يريد اتقاء شرِّه.
استراتيجياً ليبيا ليست بلداً مركزياً.
سورية مركز للمنافسات الدولية في المنطقة.
ندرك أن قوات الناتو عيّرت مقدار تدخلها العسكري في ليبيا وفق معيار حساباتها الخاصة وليس وفق مبدأ حماية المدنيين. وربما لولا إصرار الثوار على إكمال المشوار ولو لوحدهم لاختلفت الصورة النهائية.
وندرك أن الطريقة التي اختارها الناتو للمساعدة العسكرية ليست أنجع طريقة وإنما هي الطريقة التي تُبقي عدد خيوط أكبر في يده.
وندرك أن الإعلام حاول قدر الإمكان تضخيم دور الناتو وتقزيم دور الثوار، برغم أن دور الثور هو الذي كان حاسماً وإن كان دور الناتو مهماً ومساعداً جداً.
وأخيراً نعرف أن وضع المعارضة الليبية أقل تعقيداً بكثير من وضع المعارضة السورية.
إذا كنا نعرف وندرك كل ما سبق الإشارة إليه، فلماذا نحسب أنّه ما على المجلس الوطني إلا أن يطلب التدخل الدولي فسيسارع العالم عند ذلك ويستجيب للطلب؟!
إن مستوى قمع النظام يجعل كل يوم يمرّ وكأنه سنة. والحسم في ليبيا استغرق أشهراً طوالاً برغم التدخل العسكري، فمن الأحرى أن يأخذ الحراك السلمي أطول من هذا.
تشكيل المجلس الوطني علامة بارزة في مسيرة الثورة. ولكن لنكن واقعيين ولنتذكّر أن المجلس ما زال حديث الولادة، وليس له مكاتب بعد، وليس عنده ميزانية مالية تمكنه من تحريك جهوده، وليس عنده طواقم عمل بعد…
إنّه من المفيد ومن المطلوب إدراك محدودية إمكانات المجلس الوطني في الوقت الحالي، وما ذلك لتباطئه وكسله، وإنما لطبيعة المهمة الملقاة على عاتقه ولطبيعة العمل السياسي على المستوى الدولي.
لا يملك المرء إلا وأن يجري في عقله مقارنات بين الحالات المختلفة للثورات العربية. غير أنه في التخطيط وفي انتقاء الوسائل المناسبة، ينبغي أن نتجاوز منطق التقليد وأن ننتبه إلى الفروق الموضوعية بين الحالات المختلفة.
د. مازن هاشم
المقال منشور أيضاً على موقع الرابط الآتي: http://www.arflon.net/2011/10/blog-post_17.html
Tagged: التدخل الخارجي, الثورة السورية, الربيع العربي
اترك تعليقًا